منظم رحلات الصيد البحري ما له وما عليه!

الصياد المحترف – عمرو عسل

لم أجد مفر سوى الحديث عن أمر تنظيم رحلات الصيد البحرية في مصر؛ لتوضيح كثير من الأمور إلى الذين يبتغون الربح فقط ولا يهتمون بهواة الصيد ولا يدركون المشقة التي يتكلفها هؤلاء للتنفيس عن أنفسهم بالصيد، من مال وجهد ووقت لإشباع تلك الهواية العظيمة فكان ضررهم أكثر من نفعهم؛ بل وأسوأ؛ لذا وجب التنويه عن بعض صفات المنظم التي ينبغى أن يكون عليها كما وجب التنبيه على مهام المنظم وأخص هنا حديثي عن تنظيم الرحلات البحرية والتى قد تستغرق نصف اليوم إلى ما قد يصل إلى ثلاثة أيام أو أكثر.

صفات منظم رحلات الصيد البحري

منظم الرحلات يجب ان تتوافر فيه تركيبة عجيبة من الصفات وما يضادها في بعض الأحيان؛ فمثلا لابد أن تتوافر لدى المنظم صفة اللين (فما كان اللين في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه) والحزم في ذات الوقت، الجدية مع روح المرح، القيادية، الذكاء، الوضوح، الأمانة، سرعة البديهة، الصبر، التواضع، الحكمة، القدرة على التواصل الاجتماعي، الخلق الحسن، الإيثار وصفات كثيرة أخرى، ومن المهم أيضًا أن يكون لديه قدر من التفرغ لإدارة الأمر.

مهام منظم رحلات الصيد البحري

مهام المنظم متعددة وشاقة وقد يستهين بها البعض لعدم تجربتهم إياها كمن يجلس متفرج على أحد لاعبي كرة القدم وينتقده وهو لا يستطيع أن يجاريه لدقيقتين فقط بأرض الملعب.

تبدأ مهام المنظم بالتخطيط لاختيار الوقت المناسب من أيام الفساد وإن كانت ليالي قمرية أو مظلمة حسب المستهدف من السمك واختيار الموقع المناسب، واختيار كل من المركب والريس المتميز، يليها حسابات كثيرة لنوع وكم الطعم والعدة المناسبة لتلك الرحلة.

وكذالك تحديد نوع وكم الطعام والشراب وألواح الثلج وذلك بعد معرفة عدد أعضاء الرحلة والريس والبحرية ثم يتم حجز المركب من قبل المنظم ودفع العربون والبدء في صياغة الإعلان عن الرحلة مع تحديد وسيلة الانتقال، وهل هي بعربات خاصة أم باستخدام الأتوبيسات واختيار إتش وان أم تيوتا ويقوم بنشر الإعلان بالكثير من وسائل التواصل الاجتماعي وقد يحتاج إلى تكرار الإعلانات كثيرًا وهو أمر مجهد جدًا.

ويجب أن يتوفر بالإعلان تحديد الزمان، المكان، اسم المركب والريس، مشتملات الرحلة من (طعام، شراب، طعوم، ثلج، وسيلة السفر، نقاط التجمع، سعر الرحلة، طريقة سداد العربون، طريقة التواصل مع المنظم، متى يتم استرداد العربون وكثير من التفاصيل الأخرى والتي تناقش على جروب خاص بالرحلة يتم إنشاؤه وإلحاق أعضاء الرحلة به بعد سداد عربون الرحلة وأفضل ضم أعضاء الرحلة لجروب خاص على الواتس قبل الرحلة بأسبوع وتحديد وقت للنقاشات مثلا ابتداء من الواحدة ظهرًا إلى العاشرة مساءً، وذالك لمراجعة الرحلة مع الأعضاء والاتفاق على كل التفاصيل ومناقشة أي مستجدات.

واجبات منظم رحلات الصيد البحري

ومن واجبات المنظم انتقاء أعضاء الرحلة قدر استطاعته ورؤيته إذا كانت الرحلة تناسب ذلك العضو أم لا تناسبه فقد تكون الرحلة مخصصة للجيج ولا تكون العدة الخاصة بالجيك مثلاً متوفرة لديه فيكون ذلك سبب لعدم إرضاء ذلك العضو أو تكون رحلة لحماطة ويكون ذلك العضو أول مرة يذهب لصيد السمك، فلابد من إبلاغه بالمسافة والوقت أو تكون رحلة للغزر ولا يكون مع ذلك العضو العدة المناسبة لتلك الرحلة فلا يستطيع مباشرة الصيد.

كما ينبغى على المنظم رفض أي عضو قد استشعر في محادثته أنه لا يتمتع بالأخلاق الطيبة وذلك رغم صعوبته إلا أنه يعرفه كثير من المنظمين المخضرمين وكذلك ينبغي على جميع الراغبين في الاشتراك برحلات الصيد البحرية السؤال عن المنظم ومعرفة سلوكه العام.

مهام منظم رحلات الصيد البحري

من مهام المنظم تسجيل كل رحلة على حدى بدفتر خارجي وتسجيل بيانات أعضاء الرحلة من رقم المحمول والقيمة التي سددها كنسخة أخرى في حالة فقدان المحمول ويفضل أن يجتمع المنظم بأعضاء الرحلة ومراجعة أدوات الصيد الخاصة بهم وذلك طبعًا يكون للمبتدأين في هواية الصيد وإرشادهم لأقرب محل أدوات صيد إلى مكان سكنهم ويتمتع بسمعة طيبة ويكون قد تميز جدًا إذا استطاع أن يحصل على خصم من محل أدوات الصيد وإبلاغ المشترك الذي يرغب في شراء تلك الأدوات أن يقوم بالذهاب للمحل ويقوم بشراء ما يلزمه من أدوات وأن يحصل على خصم إن كان المكان يسمح بذلك في آخر الأمر وقبل دفع المبلغ يطالبه بالحصول على نسبة الخصم المتفق عليها مع المنظم مع ذكر اسمه فلا يكون هناك مجال للمشترك بإساءة الظن بالمنظم وأن للمنظم أي مصلحة بشراء المشترك من ذلك المكان وإن كان لا يوجد ما يمنع لكني لا أحبذه وألا يشق المنظم على من يستشيره في شراء أدوات الصيد وتحميله ما لا يطيق؛ بل يجب عليه أن يرى ما يتناسب مع قدرته المادية، فقد تكون اللنسة أنسب له من مكنة التسقيط ويكون بها الخير الكثير.

والتجمع قبل الرحلة بالأعضاء المشتركين يوجد نوع من الألفة بين المجموعة ككل كما عليه إبلاغ الأعضاء الذين لم يسبق لهم المشاركة برحلات الصيد بكل احتياجاتهم في الرحلة من ملبس وأدوات شخصية وأدوات الصيد وأدوية ومعرفة إن كان العضو المشترك يعاني من أي أمراض تستدعي اهتمام خاص.

كما ينبغى على المنظم باتخاذ أصعب قرار بالرحلة وهو إلغاءها بسبب سوء الأحوال الجوية أو أي عطل مفاجئ بالمركب أو تعديل الموعد أو المركب ككل وذلك لا يكون إلا بالاتفاق بين جميع أعضاء الرحلة فإن رفض أحد أعضاء الرحلة وجب على المنظم رد العربون له فورًا أو الإبقاء عليه ووضعه برحلة أخرى حسب رغبة العضو وللعلم أنه في حالة وجود مشكلة بالمركب قبل الرحلة يعد شبه مستحيل إيجاد مركب على ذات المستوى في ذات المكان أو حتى يتم تغيير المكان لأقرب نقطة بعد اتفاق الأعضاء لأنه غالبًا سيكون ذلك المركب قد تم حجزه مسبقًا لميزة المركب، الريس والوقت.

يجب على المنظم أن يقوم بحجز رحلاته للموسم كله أو قبل كل رحلة بثلاث أشهر على أقل تقدير واعلم آسفًا أن ذلك يغضب كثير من هواة الصيد لأنهم يرون أن أفضل المراكب قد تم حجزها مسبقًا و يجد مشقة في إيجاد مركب بعينه وقت أن يكون الجو مناسب له، ولكن الحل ببساطة أن يقوم الهواي بحجز المركب بنفسه مثل المنظم ودفع العربون وتركه إلى أن يأتي الوقت ولكن في حالة أن يكون الجو غير ملائم سيضطر إلى الانتظار حتى يعاود الحجز مع ذات المركب وقد يكون الموعد الذي يستطيع حجزه مع ذلك المركب بعد أكثر من شهر في أقل تقدير كما أنه سيواجه عبأ إكمال رحلته وحقيقة ذلك من ضمن الأسباب التي جعلتنى أقوم بتنظيم رحلات الصيد حيث وجدت نفسي مضطر إلى حجز عدة مراكب في أوقات مختلفة وكان البديل لي سهل هي أن أقوم بحجز رحلة مع أي منظم لكن بعد كثير من الاشتراك مع أكثر من منظم ويمكن كان حظي سيئ كنت أجد ما لا يرضيني في أغلب الرحلات وكنت أبحث عن رحلة أقيمها بنسبة ولو ٨٥ ٪ فلا أجد وإن وجد تجد قيمة الرحلة المادية مبالغ بها.

ولا أرغب فى سرد كثير من أسباب فشل تلك الرحلات، أذكر فقط بعض منها (اختيار مركب غير جيد، ريس غير متميز، بحرية غير أكفاء، وقت غير ملائم للصيد، قلة الطعم، قلة الطعام أو الشراب، اختيار سيارة أو سائق غير جيد (متهور أو بطيئ جدًا، أو لا يعرف الطريق) ارتفاع البحر.

لذا وجب على المنظم أن يقدر ربحيته مع الجهد الذي يبذله ومراعاة الحالة العامة قدر استطاعته والالتزام بما تعهد به في الرحلة مع تحمل المسؤلية في حالة أي خطأ حتى لو الخطأ لا يخصه (قدر استطاعته).

وبما أنني أقوم بالصيد من أكثر من عشرين عام تقريبًا؛ فكانت كل المعلومات متوفرة لدي لكن لم تكن لدي الرغبة بالقيام بدور المنظم حيث أنه يستهلك كثير من الوقت والجهد ولم يكن الأمر يمثل لي أي صعوبة حيث إننى كنت رئيسًا لاتحاد الطلبة ورئيس لجنة اجتماعي ورحلات مجتمعًا لأربع سنوات متتالية أثناء فترة الدراسة حيث أنني خريج بكالريوس إدارة ونظم معلومات إنجليزي، كما تم اختياري في ذلك الوقت رئيسًا عن المعاهد العليا بجمهورية مصر العربية للجنة استقبال ومراسم فكنت في استقبال الوزراء وكبار الشخصيات بوزارة الشباب والرياضة، وكنت في ذلك الوقت أنظم رحلات لأكثر من ٤ أو ٥ أتوبيسات ٥٢ راكب لكثير من المحافظات المصرية.

مهام منظم رحلات الصيد البحري من أول يوم بالرحلة

وإليكم بعض مهام المنظم من أول يوم بالرحلة إلى انتهائها التأكيد على موعد ومكان التجمع، الإشراف على وضع الآيس بوكسات وباقي معدات الصيد بالأوتوبيس ووضعية الغطاء ونقاط التجمع والتأكد من حسن ربط العيدان دون أن تكسر، تعريف الأعضاء ببعضهم، استلام الطعوم من الطريق والتأكد من سلامتها والكمية، تذكير أعضاء الرحلة بتناول أدوية الدوار قبل ركوب المركب بساعتين على الأقل ويفضل أن يكون مع المنظم حقيبة للإسعافات الأولية وعلاج بعض الأمراض.

شراء الثلج أو إرساله إلى المركب والتأكد من دخول كل أغراض أعضاء الرحلة إلى المركب بعد تعريف أعضاء الرحلة على الريس والبحرية، أن يكون المنظم آخر من يختار مكان نومه ويتم اتفاق أعضاء الرحلة لاختيار السرير الخاص بكل فرد، وكذلك مكان جلوسه بالمركب وبالطبع لا أحد يختار الكورته لطوال الرحلة (الكورته والجر تتم بالتناوب بين أعضاء الرحلة وبالتراضي).

المنظم يكون آخر من يأكل أو يشرب للتأكد من راحة جميع أعضاء الرحلة، والإشراف على جميع الآيس بوكسات من تتليج وإخراج الماء وتوزيع الطعوم حسب احتياج كل فرد، كما ينبغي على المنظم جس الأرض عند كل طرحة لو كان الريس مشغول وإبلاغ الريس برأي الأعضاء في الانتقال من النقطة لغيرها وطبعًا الريس لا يحتاج من أحد أن يبلغه.

يقوم المنظم بتعليم الهواة الجدد الصيد من تسقيط وكيفية اللكع والتطعيم وكيف يمسك السمكة عندما ينزع منها الجلب (السن) تعليم الوش والجر والجيچ و الكاستينج وكيفية التزفير والتعامل مع الأسماك الكبيرة.

القيام بإبلاغ البحرية بتجهيز الإفطار والغداء وإعداد مشروبات لأعضاء الرحلة أو سنجفة السمك، كما ينبغى على المنظم حل أي نزاعات لا قدر الله تقع بين الأعضاء وبعضهم أو بين الأعضاء والريس أو البحرية وهذا بفضل الله نادر ما يحدث لكنه وارد.

تذكير أعضاء الرحلة بالأذكار ووقت الصلاة والاتفاق مع المجموعة على وقت أداء الصلوات وإن كنا سنقوم بجمع الصلوات تقديمًا أو تأخيرًا وألا يتدخل أحد في أمر الطرحات وترك الأمر للريس أو محادثة المنظم ويقوم المنظم بالتحدث للريس؛ لكي لا يقوم كل عضو بالتحدث مع الريس والأمر يكون بهدوء وبالشورى.

أيضًا ترك الوقت الكافي للريس لينام ويريح بدنه ليستطيع أن يقدم أفضل ما عنده كما يباشر أمر نظافة المركب مع البحرية.

يقوم المنظم بأخذ صور لأعضاء الرحلة وفيديوهات ولا يتم نشرها إلا بعد العودة بسلامة وأخذ الموافقة بعرض الصور كما يقوم المنظم بتوزيع السمك الخاص بالريس والبحرية على أعضاء الرحلة وذلك يكون في بعض الأماكن وليس كلها وهو أمر يطول شرحه.

أيضًا على المنظم التأكد عند انتهاء الرحلة بمراضية البحرية و الريس والتأكد من عدم نسيان أي متعلقات بالمركب ورص المتعلقات بحيث لا يضطر السائق لفك السلب للعربة ككل لو كان أحد الأعضاء أو أكثر سينزل بالطريق.

ما يجب تجنبه من قبل الأعضاء المشتركين بالرحلة

كما ذكرنا ما على المنظم وجب علي أن أذكر ما يجب تجنبه من قبل الأعضاء المشتركين بالرحلة؛ فقد يتخيل بعض هواة الصيد المشتركين بالرحلات البحرية مع بعض المنظمين أن من واجبات المنظم طوال الرحلة أن يجلس إلى جواره ليطعم له السمك ويشد الخيط إذا وعر وطلبات وكأنه اشترى المنظم والبحرية والريس وطبعًا حقيقة الواجب على الجميع إرضاء الصياد الهاوي ومساعدته في كل ما ذكرت لكن دون المبالغة؛ فكل المنظومة تحرص على إرضاءه لكن يجب أن يظل الاحترام متبادل مع تقدير دور كل من أولئك، فهل ينبغى على المنظم أو البحرية أن يجمعوا القمامة أم على من استهلك شيئ إلقائه في سلة المهملات عوضًا عن إلقائها بالبحر، هل يصح أن يشرب كل مشترك بالرحلة القليل من زجاجة الماء الخاصة به ثم يتركها ويقوم بعد ذلك بأخذ زجاجة أخرى ثم يشتكي مثلاً من قلة الماء.

البعض يطالب أن يظل كل من الريس والمنظم و البحرية دائمًا مستيقظين وألا ينالوا أي قسط من الراحة وطبعًا لابد أن يكون أحدهم مستيقظ إما الريس أو أحد البحرية بالتراضي.

إن الأمر حقيقة مجهد ويجب أن يتعاون الجميع لإنجاح الهواية وألا يتحدث أحد جاهلاً بأعباء المنظم قائلاً: إنه يسافر ويأكل ويصطاد على حساب الناس؛ بل ويتربح أيضًا.

طيب السؤال لو أن الرحلة نقصت فردين أو فرد؟، هل ستدفع عوضًا عنهم؟، أظن الأسلوب لا يليق ومتدني جدًا؛ فرجاء ألا تهرف بما لا تعرف.